الألوهية والربوبية في فلسفة الإسلام، في 8 مارس 2017، (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!

[جوانب من عظمة الفكرة الإسلامية، أعبّر عنها من خلال اجتهادي الشخصي ورؤيتي الخاصّة، أعرضها على المفكّرين وأهل الرأي بكاملها (حاملها وحائلها)، وأعتذر إلى الله وأعتذر إلى السادة العلماء من الخطأ والشطط والزلل]!
الحمد لله رب العالمين!
*****

الألوهية هي القدرة والهيمنة والتعالي والإحاطة والعطاء والهبة. ومن أبرز مظاهرها الخلق؛ فبألوهيّته -سبحانه، وتعالى!- خلق المخلوقين هبة منه وفضلا. ومن صفات الألوهية خرجت صفة الرجولة، وهي عادة ما تشير إلى الشهامة والمبادرة والتطوع بالعطاء وتقديم المعونة للمحتاجين دون انتظار عوض أو مقابل. والرجولة تشير إلى الأرجل التي تستخدم للانتقال والحركة والعمل والجد والسعي والتفاعل. وربما يعبّر عن الألوهيّة عادة بلفظ المذكّر لأن الذكر يعلو الأنثى ويهيمن عليها ويحيط بها ويعطيها، وهو الأكثر تفاعلا مع المجتمع والبيئة التي يعيش فيها؛ لذلك نجد أنه في لغة الناس يوصف الله عادة بلفظ المذكّر، إشارة إلى العلو والهيمنة والإحاطة والعطاء والهبة.
مناهج التأليه
اختلف البشر فيما بينهم علي القواعد والنظريات والأسس الفكريّة والمناهج الفلسفيّة، التي يختارون بها إلاههم، وهي تقريبا محصورة فيما يأتي:
1) تحقيق المنفعة (النفعيّة)، وفيها يُختار الإله النافع، و هو القادر على أن يحقق لعبيده نفعًا غير موجود لديهم، أو يحافظ على المنافع الموجودة عندهم، ولا يسلبها منهم. مثال ذلك عبادة النيل والملك والشمس.
2) دفع المضرة (الضّار)، وفيها يٌختار الإله الضّار، وهو القادر على إلحاق الأذى والضر بعبيده، وهم يعبدونه لكيلا ينزل ضره عليهم أو ليساعدهم على رفع ضر موجود بالفعل. مثال ذلك عبادة الجن والشياطين والأفاعي.
3) الجمال، وفيها يُختار الإله الرائع الجمال؛ وذلك لتأصّل غريزة حب الجمال لدى البشر، وقدرتهم على تذوقه والتفاعل معه. ويعبد هذا الإله لتعظيم قيم جمالية مادّية أو أخلاقيّة، توصلا إلى استلهام من المعبود لها. مثال ذلك عبادة النجوم والمرأة والأسد والزهور.
4) القدم، وفيها يُختار الإله القديم في وجوده الباقي بعد فناء كل شيء؛ فالقدم يورث القداسة عند الناس. مثال ذلك عبادة الأسلاف والقدماء.
احتوى الإسلام كل هذه الأفكار والنظريات في اختيار الإله؛ فإن الله “ذات الذوات وأصل الوجود”ØŒ وهو -سبحانه، وتعالى!- القدرة المطلقة على الخلق والرزق بعد الخلق، وهذه مجمل صفات النفع؛ ولذلك سمى نفسه بنفسه “النافع”. وله القدرة المطلقة على أن يميت من بعد أن خلق وأحيا، وأن يمنع من بعد أن رزق وأعطى ومنح، وهذه مجمل صفات الضر؛ ولذلك سمى نفسه بنفسه “الضّار”. والله قديم؛ فهو الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء. والله كذلك جميل يحب الجمال؛ فقد اختص لذاته بكمال الجمال في الأسماء والصفات
والربوبيّة التنظيم والترتيب والعناية والرعاية. ومن أبرز مظاهرها الرزق؛
فبربوبيّته -سبحانه، وتعالى!- رعى الخلق، وقدّر أرزاقهم وأقواتهم، ورتّب شؤون حياتهم، واعتني بهم. ومن صفات الربوبية خرجت الأنوثة؛ فكما كانت الألوهيّة ابتداء كانت الربوبيّة رعاية واعتناء.
والله أعلم!

Related posts

Leave a Comment